للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشهد بكذا، فقال: أنا أعلم، أو: أشهد، ونحو ذلك، فليس من هذا.

وفي "سنن أبي داود" عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنَّ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إِذَا سَمعَ الْمُؤَذِّنَ يَتَشَهَّدُ قَالَ: "وَأَنَا، وَأَنَا" (١).

وما أحسن هذه الأنانية المفصحة عن حقيقة العبودية!

أين هذا من أنانية الرجيم المشعرة بمنازعة الربوبية؟

وبالجملة: تتحد الألفاظ، وإنما يفرق بينها إرادة القلوب.

[١٨ - ومن أخلاق اللعين: دعاء الغير إلى تزكية النفس، ورؤيتها، والإعجاب بها.]

روى ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة رضي الله تعالى عنه: أنه أَمَّ قوماً مرة، فلما انصرف قال: ما زال علي الشيطان آنفاً حتى رأيت أن الفضل لي على من خلفي؛ لا أَؤم أبدًا (٢).

[١٩ - ومنها -وهو من جنس ما تقدم -: دعوى الأحوال الشريفة والمقامات العالية، وهو على خلافها.]

ومن هذا القبيل: قول الشيطان كما حكاه الله تعالى عنه بقوله: {فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: ١٦].

وقال الله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}؛ يعني: لقريش يوم بدر، {وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا


(١) رواه أبو داود (٥٢٦).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٤١١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>