للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥٨ - ومنها: العزلة والانفراد عن الناس إلا في حال الدعوة والتعليم، والاختلاء بالله على كل حال.]

قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩)} [مريم: ٤٨، ٤٩].

في الآية إشارة بأنَّ العبد إذا اعتزل الناس في ذات الله تعالى عوَّضه عنهم من يؤنسه فيه وتقر به عينه.

وروى الدينوري، وغيره عن وهب رحمه الله تعالى قال: أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل: إذا أردت أن تسكن غداً معي في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيداً فريداً، مهموماً محزوناً كالطائر الوحداني يظلُّ في رياض الفلاة، وَيرِدُ أطراف العيون، ويأكل أطراف الشجر، فإذا جنَّ عليه الليل آوى وحده استيحاشاً من الطير، واستئناساً بربه (١).

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: إنَّ أحبَّ شيء إلى الله الغرباء، قيل: وما الغرباء؟ قال: الفرارون بدينهم، يجمعون إلى عيسى عليه السلام يوم القيامة (٢).


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٠٩).
(٢) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ٧٧). ورواه ابنه في "زوائد الزهد" (ص: ١٤٩) عنه مرفوعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>