والنجاح هو الظفر بالشيء؛ فالمراد طلب الظفر بثواب الأعمال الصالحة، وثواب الاستيفاء عليها، فالصلاح ابتداء الخير، والفلاح دوامه، والفوز بثوابه، والنجاح به تمام الفلاح وكمال الخير، فلذلك قدم طلب الصلاح على طلب الفلاح لأنه متسبب عنه، وطلب الفلاح على طلب النجاح لأنه تمامه؛ فافهم!
* فائِدَةٌ سابِعَةٌ وَثَمانونَ:
روى أبو نعيم عن أبي جعفر الخصاف قال: قال لي جابر الرحبي رحمه الله تعالى يوما وأنا أماشيه: مر بنا نتسابق، فمر أنت هكذا حتى أَمُرَّ أنا هكذا.
قال: فمررت أنا على الجسر، فلما أبعدت على الجسر التفت فإذا هو يمشي على الماء ينتضح من تحت قدميه مثلما يخرج الغبار من تحت قدم الماشي، فلما التقينا قلت: من لا يحسن مثل هذا؛ أمشى على الجسر وتمشي أنت على الماء؟
قال: فقال لي: وقد رأيتني؟
قلت: نعم.
قال: أنت رجل صالح (١).
قلت: في ذلك إشارة إلى أن الصالح لا يطلع على كرامته إلا من كان صالحاً، أو من يراد به الصلاح، وإن كان منكراً فإنه يرجع عن الإنكار.