٣ - ومن التشبه المذموم من الأغنياء بالفقراء: أن يكون للرجل طَول وسعة، ولا يتزوج رغبة عن السنة، أو شحاً، أو بخلاً، لا للانقطاع عن العبادة.
روى النسائي عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنته، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَنْ كانَ ذا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لا فَالصَّوْمُ لَهُ وِجاءٌ"(١).
وبالجملة فكل من وجد سعة، وتأخر عن عمل بر يمكنه التوصل إليه بسعته، وقصَّر عنه شحاً أو بخلاً، أو خوفاً من الفقر، فهو داخل في هذا الباب، غير واثق بوعود الله تعالى، مأخوذ بغرور الشيطان؛ فإن الله تعالى يقول:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٦٨].
وقوله تعالى:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}؛ أي: يخوفكم منه حين تنفقون، فيقول لكم: لا تنفقوا، أو: لا تكثروا الإنفاق؛ فإن الزمان طويل، فتصرفون ما معكم، ولعلكم لا تكسبون غيره فتبقوا فقراء.
وأكثر ما يؤثر وعده الفقر فيمن كان معدمًا ثم وجد، ولذلك ترى الأغنياء الذين غناهم حادث أشد إمساكاً وحرصاً على ما بأيديهم، وإذا صرفوا شيئًا كانوا أشد أسفاً وحرصاً على ما بأيديهم، وإذا صرفوا شيئًا