للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الإمام أحمد، والبخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قفل من تبوك أشرف على المدينة، فقال: "لَقَدْ تَرَكْتُمْ فِي الْمَدِينَةِ رِجالاً ما سِرْتُمْ مِنْ سَيْرٍ، وَلا أنفَقْتُمْ مِنْ نفَقَةٍ، وَما قَطَعْتُمْ مِنْ وادٍ إِلاَّ كانوا مَعَكُمْ فِيهِ".

قالوا: يا رسول الله! كيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟

قال: "حَبَسَهُمُ العُذْرُ" (١).

أي: كانوا معكم بالقلوب، فأثيبوا ثواب من كان معكم حقيقة بالأجساد والقلوب.

وروى الإمام أحمد، ومسلم عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ رِجالاً ما قَطَعْتُمْ وادِياً، وَلا سَلَكْتُمْ طَرِيقاً إِلاَّ شَرَكُوكُمْ فِي الأَجرِ؛ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ" (٢).

وأين هؤلاء من المُخَفَلَّين من أهل الثروة والقوة والصحة، فإنهم مؤاخذون بتخلفهم؛ إذ لا عذر لهم وإن اعتذروا بما ليس عذرًا، ولذلك قال الله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٩٣) يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٦٠)، والبخاري (٤١٦١).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٤١)، ومسلم (١٩١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>