للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يفهمون ما في الجهاد والنفقة في سبيل الله، والشجاعة من السعادة، وما في القعود رغبة من العار في الدنيا، والنار في الآخرة.

وإنما طبع على قلوبهم بسبب حبهم الدنيا، ولذلك قال عيسى بن مريم، ونبينا عليهم الصلاة والسلام: "حُبُّ الدُّنْيا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ" (١).

ثم بين الله تعالى ذوي الأعذار المقبولة فقال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٩١]؛ أي: بإرادة الخير له ولمن معه، والدعاء لهم لأن ذلك ما في قدرتهم ووسعهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} [التوية: ٩١ - ٩٢].

وهم سبعة من الأنصار سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحملهم بالزاد والماء فقط، أو أن يحملهم على البغال لا على الدواب، فأَسِفوا لذلك.

أو من الأشعريين سألوه ظهراً يعتقبون عليه، فبيَّن الله تعالى أن ذوي الأعذار - وإن حبسهم العذر عن الجهاد والخروج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنهم محسنون بقلوبهم وألسنتهم، وبطاعة الله تعالى في حال تخلُّفهم (٢).


(١) تقدم تخريجه عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - وعن عيسى - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (٣/ ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>