للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ولعل الإشارة إلى ذلك بقوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآيَاتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ (٤٧) وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: ٤٧، ٤٨]؛ أي: يتوبون.

* فائِدَةٌ أُخْرَى:

في هذه الآية دليل وبرهان، وبيان -وأَيُّ بيانٍ- على أن الله تعالى ليس بعد كرمه كرم، ولا بعد حلمه حلم؛ كيف كان فرعون وقومه يتمادون في التمرد والطغيان وهو يعاودهم بالآيات طلبًا لرجوعهم إليه وتوبتهم إليه، فكيف يكون فعله بأوليائه وإن صدرت منهم الزلات وتواترت منهم الغَفَلات، وكيف لا يفهم المؤمن -والمؤمن كيِّسٌ فَطِنٌ- من ذلك أنَّه وإن أبعد المضمار والشرود عن الله تعالى، فإنه متى ما عاد إليه قبله وعفا عن جَفَواته.

وما أحسن ما أنشده الأستاذ أبو القاسم القشيري في "عيون الأسئلة": [من السريع]

ارْجِعْ إِلى الوَصْلِ الّذِي بَيْنَنا ... وَكُلُّ ذَنْبٍ لَكَ مَغْفُورُ

* فائِدَةٌ أخرى ثالِثةٌ:

متى نظر العبد إلى ملك نمرود، وفرعون، وبخت نصَّر، وسائر الجبابرة من كفار وفسَّاق، وما خوّلهم الله فيه، فَهِمَ من ذلك حكمًا بالغة.

منها: أن الملك لا يتوقف على إيمان وتقوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>