للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَرِّبَانِ مِنَ النَّارِ، وَيُبَاعِدَانِ مِنَ الْجَنَّةِ" (١).

وقال الجنيد رحمه الله تعالى: لقيت إبليس يمشي في السوق عرياناً، وبيده كسرة خبز يأكلها، فقلت له: أما تستحي من الناس؟ فقال: يا أبا القاسم! وهل بقي على وجه الأرض أحد يستحيى منه.

* تنبِيْهٌ:

مصداق ما تقدم في الحديث أن الحياء والعي يقربان من الجنة ويباعدان من النار، وأن الفحش والبذاء بعكسهما: أن إبليس لمَّا عصى غلب عليه الفحش والوقاحة حتى صارا خلقه، فتجرأ في الحضرة الإلهية، وتكلم بشقاشق كلامه، فانقلب ما قصد به الخلاص وبالًا عليه، فأدخله الله النار، وأن آدم عليه السلام لما عصى غلب عليه الحياء والعي حتى هرب، ولم ينطق بكلمة سوى أنه اعتذر بالحياء لما سئل عن سبب هربه، فألقى الله تعالى إليه الكلمات الإلهية، وعلمه كيف يقول في توبته، ووعده أن يعيده إلى الجنة هو ومن اتبع هداه من ذريته، وكان ذلك بسبب العي والحياء.

روى الإمام أحمد في "الزهد"، وغيره عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه، عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ رَجُلاً طِوَالاً كَأَنَّهُ نَخْلَةٌ سَحُوْقٌ، كَثيْرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، فَلَمَّا وَقَعَ بِمَا وَقَعَ بِهِ بَدَتْ


(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٧٤٨١). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ٩٢): فيه محمد بن محصن العكاشي، وهو ضعيف لا يحتج به.

<<  <  ج: ص:  >  >>