للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤١ - ومنها: الغش.]

وأي عبد أغش لعباد الله تعالى ممن يأمرهم بمعصيته ليضلوا ويهلكوا كما في هذه القصة التي ذكرناها آنفاً.

وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: ٦]، وأي غش أعظم من هذا الغش، وهذا غشه لأوليائه الذين هم حزبه فكيف بغيرهم؟

قال ابن زيد رضي الله تعالى عنه: يدعو حزبه إلى معاصي الله، وأهل معاصي الله هم أصحاب السعير، وهؤلاء حزبه من الإنس ألا تراه يقول: {أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ} [المجادلة: ١٩]؛ قال: والحزب ولاته الذين يتولاهم ويتولونه. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم (١).

وبذلك يظهر أن كل موالاة في غير ذات الله غش، والقائم بها متشبه بالشيطان في الغش لأن مآلها إلى السوء، فهي عين العداوة.

ومن ثم قال الله تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: ٦٧]، فالغش مباينة - وإن كان ظاهره موافقة واتفاقا في الهوى - ومن ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا" (٢)، فكلما توغل العبد في غش العبد كلما كان بالشيطان أشبه، وله أوفق؛ لأنه أغش الخليقة للخليقة.


(١) رواه الطبري في "التفسير" (٢٢/ ١١٧)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (١٠/ ٣١٧٢).
(٢) رواه مسلم (١٠١) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>