للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَادِقِينَ} [البقرة: ٣١]، ففزعوا إلى التوبة فقالوا: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا} [البقرة: ٣٢] الآية (١).

[١٣٩ - ومنها: شدة الخوف من الله تعالى مع أنهم على قدم]

الاستقامة كما يظهر لك من هذه الآية: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} [النحل: ٥٠] إذا جعلت الواو في قوله تعالى: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} واو الحال؛ أي: يخافون ربهم خوف العبد الذليل المفتقر من الرَّب العظيم المقتدر، كما يفهم من قوله: {مِنْ فَوْقِهِمْ} إذ هي فوقية العظمة والاقتدار؛ أي: هذا شأنهم، والحال أنهم يفعلون ما يؤمرون بفعله على حد المبادرة إلى الامتثال، وعدم التأخر والتأمل بدليل أنه قال: {مَا يُؤْمَرُونَ} , ولم يقل: ما أمروا، فخوف الملائكة مع الاستقامة والجد في الطَّاعة لا مع الانحراف والتقصير؛ ولذلك يقولون لأهل الإيمان والاستقامة: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [فصلت: ٣١]؛ فالحالة الجامعة بين الملائكة وبينهم هي الإيمان والاستقامة، وهي سبب الولاية التي بينهم.

وقد أثنى الله تعالى على من تشبه بالملائكة في هذه الخصلة بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: ٥٧ - ٦١].


(١) رواه الطبري في "التفسير" (١/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>