للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له في كلها، وهو أبلغ في الكرامة.

وروى أبو نعيم عن ثور بن يزيد قال: بلغني أن الأسد لا يأكل إلا من أتى محرَّماً (١).

وروى الغافقي في كتاب "نفحات الأزهار ولمحات الأبرار" عن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هَبَطَ عَلَيَّ جِبْرِيْلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَيِّدًا، وَسَيِّدُ فَارِسَ سَلْمَانُ، وَسَيِّدُ الْحَبَشِ بِلالُ، وَسَيِّدُ الشَّجَرِ السِّدْرُ، وَسَيِّدُ الطَّيْرِ النَّسْرُ، وَسَيِّدُ الشُّهُوْرِ رَمَضَانُ، وَسَيِّدُ الأَيْامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَسَيِّدُ الْكَلامِ الْمُعْرِبُ، وَسَيِّدُ الْعَرَبِيَّةِ الْقُرْآنُ، وَسَيِّدُ الْقُرْآنِ سُوْرَةُ الْبَقَرَةِ" (٢).

- واعلم أن التشبه بالنسر من حيث إنه سيد إنما يكون بالاجتهاد على تحصيل السيادة، ثم العمل بمقتضياتها.

فأما السيادة فإنما تحصل للعبد بالعلم والدِّين والكرم.

وأما العمل بمقتضياتها فاحتمال الكل، وفك العاني، واكتساب المعدم، وبذل الجاه، والحلم، والعفو، والصبر، ومناصرة العشيرة من غير إثم، وصلة الأرحام، والإفضال على الجيران.

وحسن المعاشرة هو بذل النصيحة من غير فضيحة.

ولا تكون السيادة في جنس البشر إلا بهذه الأخلاق الكريمة،


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ٩٥).
(٢) انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (٢/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>