للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دساكره (١)، وشتَّت عنه عساكره، وعطل منه مجالسه ومناصبه، ونقل إلى غبرة خدامه ومراكبه، فسبحان من شغل ما شاء من القلوب عن قصد الفوز في دار الآخرة ونيل المطلوب.

٨ - ومن الفوائد المذكورة: أن الله تعالى أطلع هذه الأمة على تعجيل هلاك الأمم، وتنكيله بهم، وتنويع إهلاكهم، وتدميرهم، وتضييقه عليهم في الشرائع كالأغلال، والآصار التي كانت على بني إسرائيل، وتكليفهم في التوبة أن يقتلوا أنفسهم، وتحريم ما حرموا على أنفسهم، وتكليف من أصاب ثوبه أو بدنه نجاسة أن يقطع موضعها منه، وأن من عمل منهم ذنباً أصبح وذنبه مكتوب على بابه، إلى غير ذلك (٢).

ثم خفف الله تعالى ذلك كله على هذه الأمة، وجعل دينها سهلاً، وشرعها سمحاً يسيراً، لا حرج عليهم فيه، ولا تكليف عليهم فوق طاقتهم، ثم فضَّلهم بتضاعيف الأعمال والأفعال، وأثابهم على الخطرات والهمم، ولم يكلفهم بها، ولم يؤاخذهم بسببها، ولا بالخطأ ولا بالنسيان ولا بما استكرهوا عليه - ولو كان كفراً - إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان، وزادهم فضائل وشمائل، وخصائص وخصائل، وجعل شريعة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ناسخة لجميع الشرائع، حتى لو أن موسى عليه السلام كان حياً، أو غيره من الأنبياء عليهم السلام لما وسعهم إلا اتباعه - صلى الله عليه وسلم -،


(١) الدسكرة: بناء شبه قصر حوله بيوت وجمعه: دساكر.
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>