اعلم أن من كان متحلياً بهذه الأوصاف الجميلة نشهد له بالإيمان، ولا نشهد على من اتصف بأضدادها بالنفاق مهما كان مقراً بالشهادتين؛ لأن النفاق أمر باطني لم نطلع عليه.
نعم، نقول إذا ارتكب كبيرة، أو أصر على صغيرة وهو مقر بالشهادتين: هو فاسق، ولا نقول: منافق.
ولكن هذه الأعمال القبيحة والأفعال السيئة أماراتٌ على النفاق مَظِنَّاتٌ له، وعلى كل مؤمن أن يتفقد قلبه كلما حصلت منه زلة، فيتنزه عنها خشية أن يركن إليها، وتسترسل فيها نفسه، فتكون عاقبته إلى النفاق؛ والعياذ بالله! وتأمل قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: ٧٥ - ٧٧].