واعلم أن الشياطين الذين يبعثون على المتصدقين أعتى الشياطين وأشدهم كما رواه الطبراني في "الكبير" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ إِبْلِيْسَ يَبْعَثُ أَشَدَّ أَصْحابِهِ وَأَقْوَى أَصْحابِهِ إِلَى مَنْ يَصْنعُ الْمَعْرُوْفَ فِيْ مالِهِ"(١).
* تَنْبِيْهٌ:
قد يتفق من الشيطان الترغيب في الصدقة، والإشادة بها لا لذاتها ولا لحصولها، ولكن ليتوصل إلى غرض من أغراضه الفاسدة.
وكذلك حكم من يأمر بالصدقة والزكاة، ويرشد إليها ليحصل له منها شيء، لا لنفع إخوانه الفقراء، ولا ليثاب المعطي، وقد كان أحبار يهودَ يأمرون بني إسرائيل بصرف الزكاة، ويرغبونهم فيها، ثم كانوا يجمعون الزكاة ويكنزونها.
وقال الثعلبي في "العرائس": أخبرنا أبو يزيد الثقفي عن ابن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان الداراني رحمه الله تعالى يقول: تبدى إبليس لقارون في بُدُوِّ أمره، وكان قارون قد أقام في جبلٍ أربعين سنة يتعبد حتى شهر عنه ذلك وعلا أمره في العبادة على بني إسرائيل حتى لم يقم أحد منهم مقامه في العبادة، فحسده إبليس - لعنه الله تعالى - وبعث إليه شياطينه ليفتنوه عن تلك العبادة فلم يقدروا عليه،
(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٥٣٦). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٤٥): فيه عبد الحكيم بن منصور، وهو متروك.