للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منزله فتؤذيه امرأته، وتستطيل عليه وهو ساكت، فعجبوا من ذلك، فقال: لا تعجبوا؛ فإني سألت الله وقلت: ما أنت معاقب لي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا (١)، فقال لي: إنَّ عقوبتك بنت فلان تزوج بها، قال: وأنا صابر على ما ترون منها (٢).

* تنبِيْهانِ:

الأَوَّلُ: هذه الفوائد التي أشرنا إليها كلها أُخروية، ولمن قصدها بالنكاح أجور سَنِيَّة، وينبغي لمن أراد التزوج أن ينويها عند الإرادة وعند الخطبة وعند العقد، وكذلك عند الجماع ينبغي أن ينوي التحصن والتعفف عن الزنا واللواط، والنظر إلى ما لا يحل له، والفكر في مسارح الشهوة، وترويح النفس، وحصول ولد صالح يذكر الله تعالى ويعبده، ويُكاثر به النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة، ويدعو له إذا بقي بعده، أو يحتسبه إذا مات قبله.

وليعلم أنَّ ذلك كله وأكثر كان مقصود الأنبياء عليهم السلام بإتيان أهليهم، ولا يكون أعجز من عصفور كان في عهد سليمان،


(١) روى الإمام مسلم (٢٦٨٨) عن أنس - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلًا من المسلمين قد خَفَتَ، فصار مثل الفَرْخِ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ " قال: نعم؛ كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: - "سبحان الله لا تطيقه - أو لا تستطيعه - أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؟ " قال: فدعا الله له فشفاه.
(٢) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>