عليه السلام جاء إلى إبراهيم عليه السلام لقبض روحه، فقال إبراهيم: يا ملك الموت! هل رأيت خليلاً يقبض روح خليله؟ فعرج ملك الموت إلى ربه فقال: قل له: هل رأيت خليلاً يكره لقاء خليله؟ فرجع، قال: فاقبض روحي الساعة (١).
خاف إبراهيم عليه السلام أن يكون في قبضه فواتاً لما كان يتنعم به من الخُلَّة والتلذذ بالمناجاة والعبادة والخدمة، فعرَّفه أن القبض ليس فيه انفصال عن الخُلَّة والأُنْس بل زيادة في الاتصال، فهيَّج منه الشوق إلى لقائه، وحرَّك منه طلب الانتقال إلى مشاهدته.
[٧٧ - ومن أخلاق الأنبياء عليهم السلام: الرضا بقضاء الله تعالى.]
قال الله تعالى حكاية عن زكريا عليه السلام: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: ٥، ٦].
وهو فعيل بمعنى فاعل؛ أي: راضياً، أو بمعنى مفعول؛ أي: مرضياً، ولا يكون مرضياً حتى يكون مؤمناً صالحاً، وكمال ذلك بالرضا.
وروى أبو نعيم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَوْحَىْ اللهُ إِلَىْ مُوْسَىْ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: إِنَّكَ لَنْ تتقرَّبَ إِلَيَّ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنَ الرِّضَا بِقَضَائِي، وَلَمْ تَعْمَلْ عَمَلاً أَحْبَطَ لِحَسَنَاتِكَ مِنَ الكِبْرِيَاءِ، مُوْسَى!