للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: إنك منافق تجادل عن المنافقين؛ فالمعنى: إنك قاربت النفاق لمجادلتك عن المنافقين، أو: فعلت أفعال المنافقين.

ومن هنا يعلم أن ما شجر بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وما صدر من بعضهم من زلة لا يخرجهم عن العدالة والصلاح لأن ذلك يكون عن اجتهاد وإن أخطأ بعضهم، وكان لهم من الإحسان ما يكفر الزلة من الإساءة، ثم هم أقرب إلى التوبة والرجوع إلى الله تعالى من غيرهم.

ومذهب أهل السنة أن من أساء عشراً وأحسن واحدة، كفرت هذه الواحدة عن تلك العشرة؛ فكيف بمن يحسن عشراً ويسيء واحدة؟ بل كيف بمن معظم أعماله حسن وزلته واحدة؟ فافهم!

* فائِدَةٌ ثامِنَةٌ وَثلاثونَ:

اعلم أن العبد الصالح ليس من شرطه أن يكون معصوماً، بل من شرطه أن يكون كارهاً للذنب قبل وقوعه منه، محزوناً منه بعد وقوعه، خائفاً من عقوبته، واجداً على نفسه، تائباً منه.

ولقد أحسن القائل: [من الطويل]

وَما كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَرى لِيَ زَلَّةً ... وَلَكِنْ قَضاءُ اللهِ ما مِنْهُ مَهْرَبُ (١)


(١) البيت لأبي بكر بن بهلول، كما في "شعب الإيمان" للبيهقي (٨٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>