للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تَحْقِرَنَّ صَغِيراً فِي مُخاصَمَةٍ ... إِنَّ الذُّبابَةَ أَدْمَتْ مُقْلةَ الأَسَدِ

- ومن ذلك الجوارح: وهي من الطير، والسباع ذوات الصيد، جمع جارحة للذكر والأنثى؛ سميت بذلك لأنها تكتسب من: جرح، واجترح عمل بيده، واكتسب، ومنه سميت أعضاء الإنسان التي يكتسب بها جوارح.

ومنه قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [الأنعام: ٦٠]؛ أي: اكتسبتم.

والاجتراح والاكتساب نتيجة العقل، وأحق ما يوصف به الإنسان لأنه هو العاقل المدرك بنهيته وهمته طرق الكسب.

وإنما سميت جوارح الطير جوارح: لأنها في الإدراك قريبة من الإنسان الكاسب، ولذلك يُنسب إليها العلم اللازم لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: ٤].

فلا ينبغي للإنسان أن يكون أعجر من كواسب الطير والسباع في اكتساب ما ينفعه دون ما يضره؛ ألا ترى أن العقاب يصطاد إناث الأرانب دون ذكرانها لأن الذكر يلتوي على عنق العقاب فيقتلها كما تقدم؟

والهر إذا أكل الحية اجتنب موضع السم منها.

والأيل يأكل الحيات أكلاً ذريعاً فلا تضره إلا إذا شرب الماء، فلذلك يجتنب الماء إذا أكلها حتى تنهضم عنه، فإذا عطش حام حول

<<  <  ج: ص:  >  >>