للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال أوقليدس الحكيم - فيما نقله عنه الشهرستاني -: من أراد أن يكون محبوبُه محبوبَك وافقكَ على ما تحب، فإذا اتفقتما على محبوب واحد فقد صرتما إلى الاتفاق (١).

* فَائِدَةٌ زَائِدةٌ:

قد ذكرنا أن كل إنسان محب لأوصاف نفسه، كلِفٌ بها، وهذا من البديهيات، فلا يحتاج إلى برهان، ولذلك ورد: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَوَلَدِي" (٢).

ومن هنا كان الفعل في الإرشاد أبلغ من القول، وذلك لأن الإنسان إذا رأى عاملاً بخير، كان ذلك داعياً له إلى فعل ذلك الخير، أكثر مما لو دعاه إليه ذلك العامل من غير أن يعمل به، ولذلك استحب للعلماء إذا أمروا بشيء أن يعملوا به، أو نهوا عن شيء أن يُظهروا كمال الانزجار عنه؛ ليجمعوا للمأمور والمنهي بين طريقي الإرشاد.

ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يؤكد أمراً أكده بفعل نفسه، واحتج به عليه؛ كما ثبت في "الصحيحين" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للرهط الذين قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال الآخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبداً: "أَنْتُمُ الَّذِيْنَ قُلْتُمْ كذَا وَكَذا؟ أمَا وَاللهِ إِنَّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأتقاكُمْ لَهُ، لَكِنِّيْ أَصُوْمُ وَأُفْطِرُ،


(١) انظر: "الملل والنحل" للشهرستاني (٢/ ٢١٣).
(٢) رواه الترمذي (٣٤٩٠) عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -، وحسنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>