للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مما ينفي التهمة عن النذير الناصح؛ فإنه من حاول الأجر ممن أنذره فإنما يحاول مصلحة نفسه لا مصلحة المنذر.

ومن هنا حذر العلماء من طلب الدُّنيا بالعلم والدين حتى قال بعض الحكماء من أهل العلم: طلب الدنيا بالدف والمزمار أخف إثماً من طلبها بالدين والعلم.

وقد أجمع الأنبياء على بذل العلم وتعليم الدين بلا عوض من المبذول له؛ فليكن ورثتهم على طريقتهم.

[٥ - ومنها: الأصرار على المعصية، وترك التوبة والاستغفار.]

وقال هود عليه السَّلام: {وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢) قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هود: ٥٢، ٥٣].

وأي إصرار بعد هذا الإصرار؟

روى ابن عساكر عن الضَّحَّاك رحمه الله تعالى قال: أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [هود: ٥٢]، فابوا إلا تماديا (١).

وقد دلت الآية على أن الإصرار يمنع الرزق كما أن الاستغفار يمنع العقوبة ويجلب المنافع؛ فإن الاستغفار يحل عقدة الإصرار.


(١) ورواه الثعلبي في "التفسير" (٨/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>