للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنه يلزمه تقليده كما يجب تقديم أرجح الدليلين وأوثق الروايتين.

قال النووي: فعلى هذا يلزمه تقليد الأورع من العالمين، والأعلم من الورعين؛ فإن كان أحدهما أعلم والآخر أورع، قلد الأعلم على الأصح (١).

* فائِدَةٌ رابِعَةٌ وَخَمسونَ:

قال أبو طالب المكي في كتاب "القوت ": ويقال: إذا أثنى على الرجل جيرانُه في الحضر، وأصحابه في السفر، ومعامِلوه في الأسواق، فلا تشكُّوا في صلاحه، انتهى (٢).

وفيه أن الصلاح لا يغاير التجارة والاكتساب والاحتراف، وهو كذلك؛ بل التاجر والمحترف إذا اتقيا الله تعالى في الكسب والاحتراف، وأقاما الصلاة، وآتيا الزكاة، فإنهما من الصالحين.

ولقد قال الله تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} [النور: ٣٧].

لم يقل: لم يتجروا، ولم يبيعوا، بل قال: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ} [النور: ٣٧]، فهم كانوا يكتسبون ويحترفون إلا أنهم لم يتركوا لذلك طاعة توجهت عليهم، وبالنية يصير الكسب والحرفة عبادةً وطاعةً.

وسئل بعض السادة عن التصوف، فقال: الحرفة والعفة.


(١) انظر: "آداب الفتوى والمفتي والمستفتي" للنووي (ص: ٧٤).
(٢) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>