للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧ - ومنها: أن يتأخر الإنسان عن الانقياد إلى الحق، وعن تأديته إلى أهله حتى يعاقب، أو يخوف ويهدد ليكون في ذلك متشبهاً بالحمار يتأخر عن المسير ويحرن، فلا يمشي حتى يُهان ويضرب.

وقد وقع التنبيه على ذلك في شعر ابن عبدل الذي أنشده النضر ابن شميل للمأمون حين قال له: يا نضر! أنشدني أقنع بيت للعرب كما رواه الزبير بن بكار، والمعافى بن زكريا في "الجليس والأنيس"، وهو قوله: [من المنسرح]

إِنِّى امْرُؤٌ لَمْ أَزَلْ وَذاكَ مِنَ اللـ ... ـهِ أَدِيباً أُعَلِّمُ الأَدَبا

أُقِيمُ بِالدَّارِ ما اطْمَأَنَّتْ بِيَ الدَّ ... ارُ وَإِنْ كُنْتُ نازِحاً طَرَباً

لا أَجْتَوِي خُلَّةَ الصَّدِيقِ وَلا ... أُتْبعُ نَفْسِيَ شَيْئاً إِذا ذَهَبا

أَطْلُبُ ما يَطْلُبُ الْكَرِيْمُ مِنَ الرِّ ... زْقِ بِنَفْسِي وَأُجْمِلُ الطَّلَبا

وَأَطْلُبُ الثَّرَّةَ الضَّفِيَّ وَلا ... أُجْهِدُ أخلاقَ غَيْرِها حَلَبا

إِنِّي رَأَيْتُ الفَتَى الكَرِيْمَ إِذا ... رَغَّبْتَهُ فِي صَنِيْعَهِ رَغِبا

وَالْعَبْدَ لا يَطْلُبُ العلاءَ وَلا ... يُعْطِيكَ شَيْئاً إِلاَّ إِذا رَهِبا

مِثْلَ الْحِمارِ الْمُوْقِعِ السُّوءَ لا ... يُحْسِنُ شَيْئاً إِلاَّ إِذا ضُرِبا

وَلَمْ أَجِدْ عُرْوَةَ الْخَلائِقِ إِلاَّ ... الدِّيْنَ لَمَّا اخْتَبَرْتُ وَالْحَسَبا

قَدْ يُرْزَقُ الْخافِضُ الْمُقِيمُ وَما ... شَدَّ بِعِيسٍ رَحَلاً وَلا قَتَبا

<<  <  ج: ص:  >  >>