للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - ومن أعمال ثمود، وأخلاقهم: تعيير أهل الدين بحرفتهم ونحوها مما تعده النفوس الطاغية نقصاناً.

ألا ترى إلى قولهم لصالح عليه السلام وقد قال لهم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٥٠) وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (١٥١) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (١٥٢) قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤)} [الشعراء: ١٥٠ - ١٥٤].

قال في "الكشاف": المسَحَّر: الذي سحر كثيرًا حتى غلب على عقله (١).

وروى عبد بن حميد عن [عاصم] أنه قرأ: {مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} مشدَّدةً، وقال: المسحر: السوقة الذي ليس بملك (٢).

وفي "القاموس": المسحر كمعظم: المحترف.

واعلم أن من عير العالم أو الصالح بحرفته أو كسبه الذي لا يخالف فيه الشرع فهو أشبه الناس بثمود، وكذلك تعييره بالفقر أو بشيء من المباحات كتناول الطعام والشراب.

وقد قيل في معنى قولهم لصالح: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥)} [الشعراء: ١٨٥]: إنه من السحر - بالفتح وإسكان الحاء المهملة، وقد يضم أوله، ويقال بفتحتين أيضًا - وهو الرئة؛ أي: ممن لهم رئة يحتاجون إلى الطعام والشراب، وكل ذي رئة يكل ويشرب، وهو قريب من قول قريش:


(١) انظر: "الكشاف" للزمخشري (٣/ ٣٣٣).
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>