للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* فائِدَة سابِعَةٌ:

قال وهب بن منبه رحمه الله تعالى: مكتوب في التوراة: علامة الرجل الصالح أن يخاصمه قومه؛ الأقربُ فالأقرب (١).

قلت: وذلك لأن الرجل الصالح من شأنه إذا تكمل أن يفيض من كماله على غيره، ثم من شأنه الابتداء بالدعوة إلى الله تعالى وإلى سبيله بأهله وقومه، كما قال الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: ٢١٤].

وكما يقال: الأقربون أولى بالمعروف.

وأفضل الصدقةِ الصدقةُ على الأقارب، والعلم والهداية والإصلاح من أفضل الصدقات.

ثم إن الحق ثقيل، فإذا ألقاه الصالح على أقربائه وهم لا يرون له فضلاً عليهم، بل يرون أنفسهم أمثاله، ويعتبرون تسوية النسب بينهم، فإذا ألقاه إليهم عاداه الأقرب فالأقرب منهم، وكذَّبوه على ترتيب دعوته لهم إلا من وفقه الله تعالى منهم، كما قال الله تعالى: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ} [الأنعام: ٦٦].

وفي "صحيح البخاري"، وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (٢١٤)} [الشعراء: ٢١٤]، ورهطك منهم المخلصين؛ خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى صعِد على الصفا، فهتف: "يا صَباحاه! ".


(١) انظر: "الطبقات الكبرى" للشعراني (ص: ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>