للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣)} [الزخرف: ٢٢، ٢٣].

وإنما قالت قريش: مهتدون، ولم يقولوا كالأمم: مقتدون زعمًا منهم أنهم أرباب العقول كآبائهم، وأنهم لم يقلدوهم إلا في هدى، وهم كاذبون في ذلك، ولذلك رد الله عليهم بقوله: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤)} [الزخرف: ٢٤].

إنما قال: {بِأَهْدَى} على وجه إرخاء العنان للخصم ليظهر عليه الحجة كأن يقول: هب أن ما أنتم عليه وآباؤكم من قبلكم هدى -وإن كان ليس من الهدى في شيء- فلو جئتكم بأهدى منه أكنتم تتبعونه وتؤمنون به؟

وفيه دليل على أن الأهدى والأصح أولى بالعمل به، بل لا يعدل عنه: {قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٢٤)} [الزخرف: ٢٤].

وهذا غاية العناد، ونهاية الامتناع عن قبول الحق، وإغراق في الحمية، وغلو في التهالك والضلال؛ فلذلك عوجلوا بالعقوبة بالقحط والقتل كما قال تعالى: {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥)} [الزخرف: ٢٥].

[٢١ - ومنها: الجهل، والحيرة، والحماقة.]

قال ابن جريح: خرج إبراهيم عليه السلام من النار يعرق لم

<<  <  ج: ص:  >  >>