للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضًا، فإن العبد إذا قام في مقام الصديقية استغنى عن هؤلاء السبعة؛ لأن من أخلاقه الإنصاف من نفسه، فقد قام منه في كل مقام من الإنصاف ما أغناه عن الاحتياج إلى الخليفة فمن دونه من هؤلاء السبعة؛ لأنَّ هؤلاء السبعة إنما كانوا للتوصل إلى الإنصاف، فقد قام له في كل مقام من إنصافه ما أغناه عن مراجعة أحد من هؤلاء السبعة فيما بينه وبين الخلق، فإنه ينصف من نفسه ويعفو عن حقوقه ويُسامح بها، فلا يحتاج هو ولا من يخالطه إلى أحد من هؤلاء الأبدال، فقد قام مقام السبعة وأغنى نفسه وغيره عنهم كلهم، فبهذا الاعتبار قال أبو يزيد: أنا كل الأبدال السبعة.

* تنبِيْهٌ:

ما تقدم في الأخبار أن الأبدال لم ينالوا ما نالوا لكثرة صلاة ولا كثرة صيام ولا كثرة صدقة، ولكن بالسخاء وسلامة الصدور والنصيحة والرحمة، هذا فيه إشارة إلى أن أعمالهم قلبية وهممهم عليَّة، وإن لم يكن لهم كثير عمل ولا مزيد اجتهاد، وأن نقصان العمل بعد تأدية الفرائض لا يضرُّهم ولا يحط من مرتبتهم.

ويؤيده ما اشتهر حتى كاد أن يكون مجمعًا عليه عند المحققين من الصوفية: أن العارف لا يَضرُّه قلة العمل إذ يكون سره قلبيًا وإلا لم يكن متحققًا بالمعرفة، والأبدال رؤوس العارفين.

وقال الجد - رضي الله عنه - في "الدرر اللوامع": [من الرجز]

<<  <  ج: ص:  >  >>