للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانقادت الناس لهم خيفة من تفرق الكلمة، فالرعية مأمورون بالطاعة وهم مأزورون بالجور والخروج عن حد الاعتدال في الدين.

وهذا بخلاف القسم الأول -أعني: الأبدال عن الأنبياء-؛ فإنهم لا يكونون إلا صديقين، وعدتهم أربعون كما سبق، وهؤلاء عدتهم سبعة.

ومن ثم نفهم معنى قول أبي يزيد البسطامي حين قيل له: أنت من الأبدال السبعة؟ فقال: أنا كل الأبدال السبعة (١)؛ لأنَّ الصديق قد استوفى جميع أخلاق الأبرار، والسبعة المشار إليهم قد يتمحضون أبراراً، فالصديق واحد يقوم مقامهم بل يفوق عليهم.

فقوله: "أنا كلُّ السبعة"؛ أي: أنا قائم مقام السبعة، وهذا منه من باب التحديث بالنعمة (٢).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١٠/ ٣٧).
(٢) قال الإِمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٨٩) في ترجمة أبي يزيد البسطامي رحمه الله: سلطان العارفين، وأحد الزهاد، له كلام نافع ونكت مليحة، وجاء عنه أشياء مشكلة لا مساغ لها، الشأن في ثبوتها عنه، أو أنه قالها في حال الدهشة والغيبة، فتطوى ولا يحتج لها؛ إذ ظاهرها إلحاد؛ مثل: ما النار؟ لأستندنَّ إليها غدًا، وأقول: اجعلني فداء لأهلها وإلا بلعتها، ونحو ذلك.
قال السلمي في "تاريخ الصوفية": توفي أبو يزيد عن ثلاث وسبعين سنة، وله كلام حسن في المعاملات، ثم قال: ويحكى عنه في الشطح أشياء، منها ما لا يصح، أو يكون مقولًا عليه، وكان يرجع إلى أحوال سنية، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>