مجنون لتوافق قومها، وفي طبع الولد ميل إلى والدته، وإذا تعارضا مال إلى أحدهما، وميل كنعان إلى أمه أرداه.
وحكم الولد مع والديه إذا اختلفا في الدين أن يكون مع المسلم منهما، فإذا اتفقا في الدين والاعتقاد قدم أباه في الطاعة وأمه في البر؛ لأن الأم أضعف فناسبها زيادة البر، والأب أتم عقلاً فناسبه التقديم في الطاعة، وكثيراً ما ترى من هذه الأمة من يميل مع أمه على أبيه بغير عقل يرجع إليه، بل لمجرد موافقة هوى الأم، خصوصًا إذا تزوج غيرها، وفي ذلك تشبه بكنعان.
[٣ - ومنها: عدم المحافظة على ود الوالد والأستاذ.]
فإن كنعان خرج عن وداد أبيه بقوله:{سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}[هود: ٤٣]؛ فإنه لو كان ودودًا لأبيه لما رضي مفارقته ولو كان في مهلكة؛ فإن المحب يفدي حبيبه بنفسه، ولا يرضى مفارقته ولو هلك معه، وإلا فقد رضي بمفارقته يومًا من الأيام، وذلك مناقض للمحبة، والعاقل يقطع بأن شفقة الوالد على الولد تقتضي النظر له والاجتهاد في نفعه، وإن عقل الوالد أتم من عقل الولد بحيث إن تقليد الولد له أنفع من تحقيقه هو لنفسه، وإذا كان الولد على خلاف ذلك كان أحمق.
وَمِن أعجب الأحاديث التي في هذا المقام ما روى الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن رفاعة بن رافع الزُّرقي رضي الله تعالى عنه قال: قال رجل: يا رسول الله! كيف ترى رقيقنا؟ أقوام مسلمون يصلون صلاتنا