قال: ثم هذا لطالب العلم، فكيف بمن طلب المعلوم؟ انتهى.
وأراد بالمعلوم: الله تعالى.
وعندي أن الملائكة عليهم السَّلام إنما تضع أجنحتها لمن أراد بعلمه وجهه سبحانه وتعالى لقوله:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[البينة: ٥]، ومن كان علمه محموداً عند الله تعالى.
فاما من طلب علمًا مذموماً؛ كالسحر والكهانة، أو محموداً لغير الله تعالى لم تفعل الملائكة معه ذلك؛ لأنه من بُغَضَاءِ الله تعالى وأعدائه، وهم إنما يتواضعون مع أحبائه وأوليائه.
وأيضاً فإن الشياطين رفقاء مَنْ هذا وَصْفُهُم كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: ٢٢١، ٢٢٢]، والملائكة، والشياطين لا يجتمعون؛ فافهم!
نعم، يتفاوت تواضعهم مع العلماء المصلحين من المخلصين على قدر تفاوت درجاتهم في العلم الصالح، وفي الإخلاص فيه.
* تَنْبِيْهٌ، وَمَوْعِظَةٌ:
أخبرنا شيخ الإسلام والدي إجازة عن الشيخ أبي الفتح المزي، عن شيخ الإقراء ابن الجزري صاحب "النشر"، وغيره [ح] وأخبرنا - أيضًا - عن البرهان بن أبي شريف، عن الزين القباني؛ كلاهما عن ابن الخباز، عن شيخ الإسلام أبي زكريا النواوي، أنا الأنباري، أنا الحافظ عبد القادر الرهاوي، أنا عبد الرحيم بن علي الشاهد، أنا محمَّد بن طاهر المقدسي