روى البيهقي -أيضًا- عن يونس بن عبد الأعلى قال: سمعت الشافعي رحمه الله تعالى يقول: التواضع من أخلاق الكرام، والتكبر من شيم اللئام (١).
قلت: فالنبي - صلى الله عليه وسلم - سيد الكرام لأنه أكثرهم تواضعاً، وإبليس -لعنه الله - رأس اللئام لأنه أشدهم تكبرًا، فقد علم المتواضعون من سيدهم وإمامهم، وعلم المتكبرون من رأسهم وقائدهم، والله الموفق.
١٧ - ومن أخلاق الشيطان: رؤية النفس وتزكيتها، والأعجاب بها، والغضب لها؛ فإن إبليس لما أمر بالسجود لمن هو دونه في اعتقاده غضب وحنق، وحمله الغضب على الإباء، والكبر، والكفر، ولم ينشأ غضبه إلا من رؤيته لفضل نفسه ومفضولية آدم، ألا ترى كيف قال:{قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[ص: ٧٦]؟
ولم يكتف بحقيقة:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣].
ولم يتنبَّه لمعنى المثل السائر: يا ويح النار! ما تُخَلِّف إلا الرماد.
فلما نظر إلى نفسه بالتعظيم أنف من السجود لمن رآه بعين التحقير، فغضب، فطارت شرارة غضبه حتى أحرقته، ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وإنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وإنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاء فإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْتوَضَّأ".