للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُصَلّيْ وَأَرْقُدُ، وَأتزَوَّجُ النِّساءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِيْ فَلَيْسَ مِنيْ" (١).

وفي "الصحيحين" - أيضا - من حديث مالك بن الحُويرث رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صَلُّوْا كَمَا رَأَيْتُمُوْنِيْ أُصَلِّيْ" (٢).

* عَوْداً، عَلَىْ بَدْءٍ:

فإن قيل: قد قررت أن التخلق بأخلاق الشخص يدل على محبته، وأن المحبة لا تتم إلا بالموافقة في الأخلاق والأحوال، وإنَّا نجد كثيراً من الناس يكرهون أن يتخلق غيرهم بأخلاقهم، أو يتحلوا بحُلاهم؟

قلت: إنما تكون كراهيتهم لذلك من حيث إن المتحلي بحليتهم إنما يريد التشبه بهم لمناظرتهم، أو معارضتهم، أو التهكُّم عليهم، أو السخرية والإزراء بهم، وذلك لا يدل على محبته لهم، ولا اتفاقه معهم - وإن كان موافقا في الصورة - بل يدل ذلك على شدة المباينة، وتمام العداوة، فلا يكون تشبهه بهم في الصورة الظاهرة منهم.

بخلاف ما إذا كان تشبهه بهم، وتخلقه بأخلاقهم على سبيل الاقتداء بهم، والاتباع لهم، والاستحسان لأحوالهم؛ فإن هذا عين الدليل على محبتهم؛ لأنه لو لم يحبهم، ويحب أفعالهم لم يقتدِ بهم فيها، ولا استحسنها منهم، ولا أَحَبَّ أن تنسب إليه كما نسبت إليهم، فهو في هذه الحالة متشبه بهم في أوصافهم وأخلاقهم على


(١) رواه البخاري (٤٧٧٦) واللفظ له، ومسلم (١٤٠١) عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) رواه البخاري (٦٠٥) واللفظ له، ومسلم (٦٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>