وقد ذكر الثعلبي في "العرائس" عن أبي سليمان الداراني رحمه الله تعالى: أن قارون كان في أول أمره منقطعاً للعبادة، فحسَّن له الشيطان مخالطة النَّاس والكسب ليعود به على النَّاس بالصَّدقات والصِّلات، ولا زال يحسن له ذلك حتى طلب الدنيا واكتسب، فلما أقبل على ذلك حلت الدنيا في قلبه، فجمعها ومنعها، فآل أمره إلى ما آل إليه ... في خبر طويل.
[- الرابع والعشرون: قطيعة الرحم، ومعاداة الأهل لأجل الدنيا.]
فإن قارون حمله حبُّ الدنيا على قطيعة رحمه، وذلك أيضاً من أعمال أهل الكتاب وغيرهم.
روى ابن حبَّان في "صحيحه"، والحاكم - وقال: صحيح الإسناد، واللفظ له - عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إيَّاكُمْ والفُحْشَ والتَّفَحُّشَ؛ فَإِنَّ اللهَ لَا يُحب الفاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ، وإِيَّاكُمْ والظلمَ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الظُّلُماتُ يَوْمَ القِيامَةِ، وَإيَّاكُمْ والشُّحَّ؛ فَإِنَّهُ دَعَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَسَفَكُوا دِماءَهُمْ، وَدَعا مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ فَقَطَعُوا أَرْحامَهُمْ، وَدَعَا مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ فاسْتَحَلُّوا حُرُماتِهِمْ"(١).
وتقدم نحوه من حديث ابن عمرو رضي الله تعالى عنهما.
وروى العقيلي في "الضُّعفاء" عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه: أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صِلُوا قَرابَاتِكُم، وَلا تُجَاوِرُوْهُمْ؛ فَإِنَّ الْجِوارَ
(١) رواه ابن حبان في "صحيحيه" (٦٢٤٨)، والحاكم في "المستدرك" (٢٨).