وليحذر كل الحذر من بغض أحد من الصالحين، وإيذاء أحد منهم -ولو بأقل شيء- فقد علمت أن الصالحين إنما أصلحهم الله تعالى، فقصد واحد منهم بالأذى مناقضة لما فعله الله تعالى بهم؛ فإنه أصلح بالهم، وأنت تريد أن تفسد بالأذى بالهم.
ويخشى من إيذاء الصالحين، والتعرض لأذاهم أن يغضب الله لهم، فيهلك المؤذي، أو يبلغهم أذاه فتبدر منهم دعوة تنفذ فيه، كما في "الصحيح": أن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه وكان دعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن تستجاب دعوته، لما شكاه أهل الكوفة إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فبعث عمر رجالاً يسألون عنه في مساجد الكوفة، فكانوا لا يأتون مسجداً من مساجد الكوفة إلا أثنوا عليه خيراً، وقالوا معروفاً، حتى أتوا مسجداً من مساجد بني عبس، فقال رجل -يقال له أبو مسعدة-: اللهم إنه كان لا يسير بالسرية، ولا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، فقال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان كاذباً فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، فكان بعد ذلك يقول إذا سئل: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد.