للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى غرق بذلك. ذكره القرطبي (١).

[٦ - ومنها: الالتجاء إلى غير الله تعالى في الشدة.]

ألا ترى إلى قوله: {سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ} [هود: ٤٣]؟ فاعتصم بغير الله ولم ينفعه قول أبيه في الإشارة إليه والتنبيه: {لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [هود: ٤٣].

وإنما قيده نوح عليه السَّلام باليوم -مع أنه لا عاصم في كل وقت من أمر الله إلا بعصمة الله ورحمته - تقريبا لفهمه لضيق الوقت عن البيان والتفهيم؛ فإنه استقر في نفس كنعان ما هو في العادة من الاعتصام بالأسباب والاتقاء بالآلات، ومتى يفهم أن الأسباب والأدوات كلها من خلق الله تعالى وإفاضاته وإنعاماته، وهي مسخرات لمن يشاء بتسخيره، وهو على ما هو عليه من كفره؟

وأين حال كنعان من حال أبيه حيث يقول: {ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: ٤١]؟

وحال يونس عليه السَّلام من قوله في ظلمات ثلاث: قعر البحر، وبطن الحوت، وظلمة الليل: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧]؟

فانظر كيف سخر الله لنوح السفينة وهي سبب، لكنه مأذون فيه.

وكيف سخر الله تعالى ليونس شجرة من يقطين وهي سبب، لكن


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٩/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>