وقال تعالى حكايته عن هود عليه السَّلام: {قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠) يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ} إلى أن قال: {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}[هود: ٥٠ - ٥٣].
واعلم أن قبح الكذب مما علم بالضرورة في سائر الأديان إلا في الحرب ونحوه.
وروى الترمذي، وأبو نعيم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إِذَا كَذَبَ الْعَبْدُ كِذْبَةً تَبَاعَدَ عَنْهُ الْمَلَكُ مِيْلاً مِنْ نتَنِ مَا جَاءَ بِهِ"(١).
[٤ - ومنها: العناد، والتصميم على الباطل بعد ظهور الحق.]
ألا ترى إلى قولهم:{يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ}[هود: ٥٣] بعد ما بين لهم أنه لا يريد إلا نصيحتهم بسبب أنه لا يسألهم الأجر؟
(١) رواه الترمذي (١٩٧٢) وقال: حديث حسن جيد غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه تفرد به عبد الرحيم بن هارون، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ١٩٧). قال ابن حبان في "الثقات" (٨/ ٤١٣): عبد الرحيم بن هارون: يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات من كتابه فإن فيما حدث من غير كتابه بعض المناكير. وقال ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص: ٣٥٤): ضعيف كذبه الدارقطني.