للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك حال من يفيد مسألة في حضرة من هو أعلم منه بها، أو يخبر بخبر في حضرة من أخبره به، وحال من يتكلم في أمرٍ غيرُه أولى بالتكلم فيه لتقدمه عليه في سن، أو معرفة، أو شرف.

[١ - ومن أحوال الحمقى، والمجانين: الكبر، والعجب، والخيلاء، والإعجاب بالرأي.]

وذلك يوجب ما ذكرناه آنفاً من التكلم بحضرة من هو أولى منه بالتكلم.

والمرء قد يخرج بهذه الصفات عن طباع العقلاء في لباسهم، وحليتهم، ومشيهم، وكلامهم.

وفي قوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: ٣٧] إشارةٌ إلى ذلك؛ لأن من مشى هذه المشية، فكأنه صار له خرق الأرض أو مطاولة الجبال، وهذا مما لا يكون، ومحاولة ما لا يكون جنون.

وقال محمد بن علي الباقر رحمه الله تعالى: ما دخل قلبَ امرئ شيءٌ من الكبر إلا نقص من عقله مثل ما دخله (١) من ذلك قل ذلك أو كثر. رواه أبو نعيم (٢).

وحكي أن قومًا مشوا خلف علي - رضي الله عنه - فقال: [كفُّوا] عني خفق


(١) في "أ" و"ت": "مثله، والظلم" بدل "مثل ما دخله".
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>