وهذا الخلق عزيز جداً، وضده -وهو الوقوع في الناس بالتهمة وسوء الظن- قلَّ من يسلم منه الآن إلا أفراد في العالَم، بل ربما سرق لأحدهم شيء فَتحرجَ عن الاتهام، فبادر كثير من الناس إلى إيقاعه في التهمة لجاره، أو خادمه ونحوهما، وهذا ليس من الديانة في شيء.
وبعضهم يقول لمن يشكو إليه من بلاءً أو محنة بظالم أو حاكم، فيقول له: لعل فلانًا وشى بك ونمَّ عليك، فينبهه لتهمة الناس والغضب منهم، فيوقعه فوق بلائه في بلاءً آخر، وغم زائد على ما عنده، وربما كان بعضهم واقعًا في مثل ما اتهم به أخاه المسلم، وهو أعظم جرمًا وأكبر إثماً.
قال الله تعالى:{وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء: ١١٢].
[١٩٥ - ومن أخلاق بني إسرائيل: المحاباة في الحدود.]
روى النسائي -وأصله متفق عليه- عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنَّ امرأة سرقت فأُتيَ بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: من يجترئ على
(١) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٢/ ٣١٤)، والبخاري (٣٢٦٠)، ومسلم (٢٣٦٨)، والنسائي (٥٤٢٧)، وابن ماجه (٢١٠٢).