للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: ٦١] الآية.

والأخبار عنهم كثيرة، وتأمل ما في قولهم: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ} من حيث لم يقولوا: ادع لنا ربنا.

وأما النصارى فإن المائدة لما نزلت عليهم كان يأكل منها الأغنياء والفقراء، فلما تم أربعون يومًا أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى! اجعل مائدتي هذه للفقراء دون الأغنياء، فتمارى الأغنياء في ذلك، وعادَوا الفقراء، وشككوا الناس، فقال الله تعالى: يا عيسى! إني آخذ شرطي؛ يعني: قوله: {إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: ١١٥]، فأصبح منهم ثلاثة وثلاثون خنزيرًا. رواه الحكيم الترمذي في "حديث المائدة" عن سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه (١).

* تنبِيهاتٌ:

الأَوَّلُ: تأمل فإن مزاحمة الأغنياء للفقراء في أرزاقهم ومرتفقاتهم ظلم بيِّن، وقد يكون سبب نزول العقوبة، ومن ثمَّ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عِنْدَ اتِّخاذِ الأَغْنِياءِ الدَّجاجَ هَلاكُ القُرَى". رواه ابن ماجه، وابن عساكر من


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٦/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>