للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الورع واجتناب خفي الشبه، والأوزاعي رحمه الله تعالى - وإن كان من زهاد العلماء ونقاد الحكماء - إلا أنه لم يكن من شكل إبراهيم، ولا إبراهيم من شكله، وكفاك لذلك نظيراً قصة موسى والخضر عليهما السلام، وقول الخضر لموسى عليهما السلام: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: ٧٨].

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال: الناس أشكال كأجناس الطير؛ الحمام مع الحمام، والبط مع البط، والصعو مع الصعو، والغراب مع الغراب، وكل إنسان مع شكله (١).

وحُكِيَ أنه كان يتَكلم قبل ذلك، فبينما هو كذلك إذ نظر إلى حمامةٍ تمشي مع غراب، فعجب من ذلك، وقال: اتفقا وليسا من جنس واحد، فلما طارا إذا هما أعرجان؛ قال: لذلك اتفقا.

والإشارة بذلك إلى أن الإنسان - وإن كان جنسه واحداً - فإن النوع يكون مع مثله من ذلك النوع كالعربي مع العربي، والفارسي مع الفارسي، والرومي مع الرومي، وكالعالِم مع العالِم، والتاجر مع التاجر، والعامي مع العامي، فإذا اتفق واحد من هذا النوع مع آخر من غير ذلك النوع فإنهما يتفقان لمعنى فيهما، إذا فتشت عنه رأيته.

- ومن أحوال الطير: خلو قلوبها لأمثالها من أجناسها من الحقد


(١) ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٦/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>