للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سكت عن جهله سلم من ضرر الجهل وخجلته، فإن تكلم بالجهل ظهر عذابه في الدنيا، فيخجل فيندم لخجله، وإذا رأى عقوبة ما تكلم به في الآخرة ندم أيضاً.

الفائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تقدم التحذير من صحبة الجهلاء وما فيها.

وذكر أبو طالب المكي في "القوت": أن بعض الصالحين قال لبعض الأبدال: كيف الطريق إلى التحقيق؟

وقال مرة: قلت له: دُلَّني على عمل أجد فيه قلبي مع الله في كل وقت على الدوام.

فقال: لا تنظر إلى الخلق - يعني: عامتهم -؛ فإن النظر إليهم ظلمة.

قلت: لا بد لي من ذلك.

قال: فلا تسمع كلامهم؛ فإن كلامهم قسوة.

قلت: لا بد لي من ذلك.

قال: فلا تعاملهم؛ فإن معاملتهم وحشة.

قلت: إني بين أظهرهم، لا بد لي من معاملتهم.

قال: فلا تسكن إليهم.

قلت: هذا لعله.

فقال لي: يا هذا! تنظر إلى الغافلين، وتسمع كلام الجاهلين، وتعامل البطالين، وتريد أن تجد قلبك مع الله على الدوام؟ هذا ما لا يكون (١).


(١) انظر: "قوت القلوب" لأبي طالب المكي (١/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>