للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأخبريني ما تقولين في صياحك؟

قالت: أقول: تذكروا يا غافلين، وتهيؤوا لسفركم؛ سبحان خالق النور!

فقال سليمان عليه السلام: ليس طير من الطير أنصح لبني آدم، وأشفق من الهامة، وما في قلوب الجهال أبغض منها (١).

يشير إلى أن الجهال لا يحبون الناصحين.

- ومن أوصاف الطير، وسائر البهائم والسباع والهوام: التراحم الذي يكون بين الجنس منها، أو بين النوع والتعاطف إلا ما شذ كمناقرة بعض الديوك، ومناطحة بعض الكباش، وإحالة الذئاب على الذئب إذا دَمِي كما قَدَّمناه، وأخص من ذلك عطف سائر الحيوانات على أولادها ورحمتها لها، وشفقتها عليها إلا ما شذ من ذلك كالهرة التي تأكل أولادها كما قال الشاعر: [من السريع]

أَما تَرى الدَّهْرَ وَهذا الوَرى ... كَهِرَّةٍ تَأكلُ أَوْلادَها (٢)

والأناسي أخص المخلوقات بهذه الرحمة؛ ولاسيما الشفقة على أطفالهم، وأطفال غيرهم، وعلى ضعفائهم.

روى مسلم عن أبي هريرة، وسلمان رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ للهِ تَعَالَىْ مِائَةُ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٣٩١).
(٢) البيت لابن المعتز، انظر: "جمهرة الأمثال" للعسكري (١/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>