الماء والظل ونكفيك، قال: عُد إلى ظلك، فقلت: عندنا مَنْ يكفيك، قال: عُد إلى ظلك، ومضى فقال عثمان: من أحبَّ أن ينظر إلى القوي الأمين فلينظر إلى هذا (١).
[٦٦ - ومنها: الغضب لله وعدم الغضب للنفس.]
وهذا شأن الأنبياء والمرسلين بأسرهم صلوات الله وسلامه عليهم، ألا ترى إلى غضب نوح عليه السلام على قومه بسبب تماديهم في الكفر وإصرارهم عليه حتى قال:{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}[نوح: ٢٦]، وغضب إبراهيم عليه السلام حتى هجر أباه وقومه، واعتزلهم وما يعبدون من دون الله، وغضب موسى عليه السلام حتى أخذ برأس أخيه يجرُّه إليه.
وقال القشيري رحمه الله تعالى في "جزئه" الذي جمع فيه كلام أبي علي الدقاق رحمه الله تعالى: وسمعته يقول: سمع سليمان عليه السلام من الهدهد قوله: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} فلم يؤثِّر فيه، ثم قال:{وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} فلم يلتفت سليمان عليه الصلاة والسلام إليه، فلما قال:{وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[النمل: ٢٣ - ٢٤] حَرَد سليمان وتأهبَ للخروج لمحاربتها؛ لم يغضب سليمان لأجل ما هو نصيب النفس، وغضب لما هو حق الحق.