للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: لعله إنما أمر بقتله لما أطلعه الله عليه من كفره ونفاقه، أو لأنه كفر باعترافه بما حدث نفسه به من أنه خير من القوم، وفيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي قوله: "لَوْ قَتَلْتَهُ مَا اخْتَلَفَ اثْنَان بَعْدِيْ مِنْ أُمَّتِيْ" الظاهر أنه لو قتله لتسامع الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل رجلًا يجاهد ويصلي ليس إلا لكونه أظهر تزكية نفسه، ودعوى أنها خير من الناس، فلا يزكي أحد بعده نفسه، ولا يعجب برأيه، فيتوافق كل الناس على ذلك، فلا يختلفون، فلا يهلكون بسبب ذلك.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "ثَلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: هَوًى مُتَّبَعٌ، وَشُحٌّ مُطَاعٌ، وإعْجَابُ كُلِّ ذِيْ رَأْيٍ بِرَأْيهِ". رواه الطبراني في "الأوسط" عن أنس، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهم (١).

* تنبِيْهٌ:

اصطلح الصوفية على التحذير من الأنانية؛ أي: من قول العبد: أنا فعلت، أو: أنا أعلم، أو: أنا أكرم من فلان، ونحو ذلك مبالغة منهم في التحذير من رؤية النفس وإثبات ملكيتها.

فأمَّا إذا قال المرء: {أنا} لمن قال له: أتعلم مسألة كذا؟ أو:


(١) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٥٤٥٢) عن أنس - رضي الله عنه -، و (٥٧٥٤) عن ابن عمر - رضي الله عنهما -. قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (١/ ١٧٤): وهو مروي عن جماعة من الصحابة، وأسانيده وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال، فهو بمجموعها حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>