وللسيوطي رحمه الله تعالى جزء في هذا المعنى سمَّاه "ما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين"، وقد لخصتُهُ في منظومَّةٍ حافلةٍ.
وقال الله تعالى عقب قصَّة قارون:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا}[القصص: ٨٣].
قال عكرمة رحمه الله تعالى: العلو: التكبر، وطلب الشرف والمنزلة عند سلاطينها وملوكها.
قال: والفساد: العمل بمعاصي الله تعالى، وأخذ المال بغير حقه.
وقال الحسن رحمه الله تعالى في قوله:{لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ}: الشرف والعز عند ذوي سلطانهم. رواهما ابن أبي حاتم (١).
ومن المعلوم أن العزَّ والمنزلة عند السُّلطان يعظم به جاء الإنسان فيستجره إلى الفساد والظلم إلَّا من عصم الله تعالى، وهو أعز من الغراب الأعصم.
وإنما جاء في النفي بـ (لا)، وكررها إشارة إلى نفي إرادة كل واحد منهما، لا نفي مجموعهما لأنَّ كل واحد منهما كافٍ في الإبعاد عن الآخر، والتنزه عنهما معاً هو التقوى المحمودة العاقبة، ولذلك قال:{وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣]؛ أي: العاقبة المحمودة، وفسرت بالجنة والخلود فيها.