للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى عليهم ظالماً ينتقم به منهم كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: ١٢٩].

وإذا عاث ذلك الظالم فيهم وجارَ قحطت الأرض، فحبس المطر عنها، فيفسد زرعها ونسلها، فإنْ نُسب الفساد إلى ظلم الظالم كان صحيحًا، وإن نسب إلى كسب الناس كان صحيحًا لتسببه عنهما.

والآية الأولى من الأول، والثانية من الثاني.

واعلم أنا لم نرَ أحدًا من طالبي الولايات كان في طلبه يعد من نفسه العدل والعفة والإصلاح، ثم تولى إلا رأيناه تولى عما كان يزعمه من نفسه، بل ربما ظهرت منه أنواع من الظلم والفساد، ولو تولى ما تولاه من كان يوعد من نفسه بمثل ذلك لقصر عنه، وسبب ذلك أن طالب الولاية قد كتم في نفسه خلاف ما يدعيه لها، فإذا أمكنه عَرْضه ظهرَ مرضه.

ولقد قلت في ذلك: [من السريع]

لِلَّهِ كَمْ مِنْ رَجُلٍ مُعْجَبٍ ... لِلنَّاسِ ما قَدْ قالَهُ وَادَّعى

قَدْ وَعَدَ الإِصْلاحَ في قَوْلهِ ... وَفِعْلِهِ إِنْ في الرَّعايا رَعَى

تَحْسِبُهُ مِمَّا تَرى صالِحًا ... لَكِنَّهُ إِذا تَوَلَّى سَعَى

٦ - ومنها: أن المنافق يدعي أن إفساده إصلاح، وأن ظلمه عدل، وأن إساءته إحسان، وأن فجوره بِرُّ؛ {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: ١٠٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>