للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك دليل على استحباب التقنع والإسراع لمن مر بمقابر الكفار، وأماكن الكفر، ومواقع العذاب، وعلى كراهية الدخول إلى ديار الكفار والظالمين فضلاً عن استيطانها إلا أن يكون الداخل إليها باكياً معتبراً.

وقد دل على إباحة النظر إليها على وجه الاعتبار قوله تعالى حكاية عن ثمود: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل: ٥٢].

وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عن دخول مساكن ثمود وأمثالهم إلا لمن كان باكياً وجِلاً معتبراً فما ظنك بالتشبه بهم فيما انطووا عليه وقد كانوا على خبائث؟

[١ - فمنها: الكفر، والتكذيب، وعبادة الأوثان، والزنا.]

كما تقدم نظائر ذلك في قوم نوح، وهود عليهما السَّلام.

٢ - ومنها: محاجة أهل الحق في أصول الديانات ميلاً مع الهوى.

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} [النمل: ٤٥].

قال قتادة: إذا القوم بين مصدق بالحق ونازل عنده، ومكذب بالحق وتاركه؛ في ذلك كانت خصومتهم (١).

وقال مجاهد في قوله: {فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ} [النمل: ٤٥]:


(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٩/ ٢٨٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>