للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وكأن هذا من جملة التشديدات التي كانت على بني إسرائيل.

وأمَّا في هذه الشريعة فإن توبة المبتدع مقبولة.

٣٧ - ومنها: كثرة السؤال شكاً أو تشكيكاً، أو تعنتاً، أو امتحاناً.

قال الله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} [البقرة: ١٠٨].

وقال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] الآيات.

وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتْرُكُونِي مَا تَرَكتُمْ، فَإِذَا حَدَّثتكُم فَخُذُوا عَنِّي؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِم، وَاخْتِلافِهِم عَلَى أَنْبِيَائِهِم". وأصله في "الصحيح" (١).

وهذا الحديث، ونظائره محمول على زمانه - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنهم كانوا لا يزالون يسألونه عن الشيء وهو حلال حتى يحرم عليهم، كما ورد في الحديث.

وأما بعد زمانه فإنما يكره من كثرة السؤال ما يفضي بالمسؤول إلى الملل والتبرُّم، أو ما كان على سبيل التعنت والتغليط، أو العبث.


(١) رواه الترمذي (٢٦٧٩) وصححه، وأصله عند مسلم (١٣٣٧) ولفظه: "ذَرُوني ما تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ من كان قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ، فإذا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذا نهَيْتُكُمْ عن شَيْءٍ فَدَعُوهُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>