وقد سئل والدي رحمه الله تعالى: إن عليًا رضي الله تعالى عنه إذا أراد الاجتماع بها في الجنة كيف يكون اجتماعه بها وهي في رتبة أبيها؟ فقال: يرفع عليٌّ إلى مقامها رضي الله تعالى عنهما، ولا تنخفض إلى مقامه.
قلت: ومقام الحسن والحسين مع جدهما، وأمهما، وعليّ - رضي الله عنه - يلحق بهم، وهذا هو الكرم، والفضل الذي ليس بعده فضل.
* الفائدة الرابعة عشرة: أن الصالحين تفتخر بهم البقاع، وإذا ماتوا بكت عليهم مجالسهم من الأرض، ومهابط أرزاقهم من السماء، ومصاعد أعمالهم منها، وتهتف الهواتف بموتهم، ويندبهم الصالحون حزنًا عليهم.
روى الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد"، والطبراني في "الأوسط"، وأبو نعيم في "الحلية" عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِنْ صَبَاحٍ وَلا رَواحٍ إِلَّا وَبِقَاعُ الأَرْضِ يُنَادِيْ بَعْضُها بَعْضًا: يا جَارَةُ! هَلْ مَرَّ بِكِ الْيَوْمَ عَبْدٌ صالِحٌ صَلَّيْ عَلَيْكِ، أَوْ ذَكَرَ اللهَ؟ فَإِنْ قالَتْ:(نَعَمْ) رَأَتْ أَنَّ لَهَا فَضْلًا، وَقالَ اللهُ تَعَالَى:{فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ}[الدخان: ٢٩] "(١).
روى ابن المبارك عن علي رضي الله تعالى عنه قال: إذا مات
(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ١١٣) لكنه وقفه على أنس، والطبراني في "المعجم الأوسط" (٥٦٢)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ١٧٤).