لم يؤمر أهل الكتاب بأن تحتجب نساؤهم زيادةً في البلاء، لا إباحة للنظر؛ فإن النظر العمد كان محرماً عليهم، وواقعة عيسى عليه السلام المتقدمة لعلها محمولة على نظر الفجأة، وهي لا تدخل تحت التكليف.
روى الإمام أحمد في "الزهد" عن الحسن رحمه الله تعالى قال: انتهت بنو إسرائيل إلى موسى عليه السلام فقالوا: إن التوراة تكثر علينا، فائتنا بجماع من الأمر فيه تخفيف.
قال: فأوحى الله تعالى إليه: ما سألك قومك؟
قال: يا رب! أنت أعلم بما سألوني.
قال: إنما بعثتك لتبلغني عنهم وتبلغهم عني.
قال: فإنهم سألوني جماعاً من الأمر فيه تخفيف، ويزعمون أن التوراة تكثر عليهم.
فقال الله - عز وجل -: قل لهم: لا تظالموا في المواريث، ولا تدخلن عينا عبد بيتاً حتى يستأذن، وليتوضأ من الطعام كما يتوضأ للصلاة.
فاستخفوها يسيراً، ثم لم يقوموا بها.
قال الحسن: فقال رسول - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك:"تَقَبَّلُوا لِي بِسِتٍّ أَتَقَبَّلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ: مَنْ حَدَّثَ فَلا يَكْذِبْ، وَمَنْ وَعَدَ فَلا يُخْلِفْ، وَمَنِ اؤْتُمِنَ فَلا يَخُنْ، احْفَظُوا أَيْدِيَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَفُرُوْجَكُمْ"(١).