كما تقدم نظيره في عاد، لكن تميزت عنهم ثمود باتخاذ بيوتهم من الجبال؛ إذ كان الواحد منهم يبني البيت من المدر فكان ينهدم وبانيه حي، فاتخذوا من الجبال بيوتاً، وكانوا يغترون بطول الأعمار، وكثرة الزروع والثمار، وسعة الأموال، وحسن الحال، ولا يخافون هجوم الموت عليهم.
ولذلك قال لهم أخوهم صالح عليه السَّلام: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (١٤٨)} [الشعراء: ١٤٦ - ١٤٨]؛ أي: ثمرها لطيف يانع نضيج {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (١٤٩)} [الشعراء: ١٤٩]. أي: حاذقين بنحتها وصناعتها.
وهذه البيوت إلى هذا الوقت باقية في مدائن الحجر بطريق الحاج الشامي بين مبرك الناقة وقرية العلا، ينظر إليها الناس ويعتبر بها من كان من أهل البصائر والاعتبار.
وقد أرشد الله تعالى السائرين في الأرض من هذه الأمة إلى النظر في آثار الأمم الماضية ليتذكروا ما صار لهم من الهلاك وخلو البلاد عنهم بعد ما عَمَروا وعمَّروا، فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ